الخميس، 7 مايو 2015

محللون يرصدون الخلفيات السياسية والاقتصادية لـ"مبادرة كلينتون"

محللون يرصدون الخلفيات السياسية والاقتصادية لـ"مبادرة كلينتون"
أكد محللان مغربيان أن "مبادرة كلينتون العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا"، التي انطلقت أمس الأربعاء بمدينة مراكش، اهتمت إلى وجود مخاطر غير عسكرية تهدد البلدان، مثل الأمراض العابرة للحدود، وضعف التنمية في العالم، والناجمة عن عقود من الحروب والنزاعات، كما أنها تسلط الضوء على تجارب ناجحة في مجال التكوين التعليم وأنظمة الصحة.
وتحتضن مراكش، على مدى يومين، الاجتماع الافتتاحي لمبادرة كلينتون العالمية، بمشاركة مكثفة للعديد من الفاعلين بالقطاعين العام والخاص من العالم، وجمعيات المجتمع المدني، قصد فتح نقاش بين خبراء وفاعلين سياسيين وجمعويين، لمقاربة إشكال الشراكة لدعم التنمية وتحفيز الابتكار وتحقيق الازدهار والرخاء للجميع، ومن أجل وصياغة وتفعيل حلول إبداعية للمشاكل المعاصرة.
إنجازات ومحاذير
ولتسليط الضوء على المبادرة وخلفياتها السياسية خصوصا، اتصلت هسبريس بالدكتور إدريس لكريني، أستاذ الحياة السياسية بجامعة مراكش، ومدير مجموعة الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، الذي أكد أن للمبادرة أهمية كبرى، لأنها تسعى إلى الوقوف على مجموعة من الإشكالات، التي يمكن أن تسمم العلاقات بين الدول.
وأفاد لكريني أن "مبادرة كلينتون حققت جزء يسيرا من الأهداف التي طرحتها منذ 2007، فبعد نصف قرن من الحرب الباردة والإشكالات الإيديولوجية والحلول العسكرية، التي لم تزد العالم سوى عنفا وألما، انتبهت المبادرة إلى أن هناك مخاطر غير عسكرية خطيرة، من قبيل الأمراض العابرة للحدود، وضعف التنمية في العالم".
وأفاد المحلل بأنه من بين الإشكالات المؤرقة، التباين الصارخ بين شمال يملك الرخاء، وجنوب شعوبه تقاوم من أجل البقاء، لذا تسعى المبادرة إلى الانكباب على الإشكاليات الراهنة، والتي تهم بالأساس الشباب، والصحة، والتربية، والولوج إلى مصادر الطاقة، والتغذية، والماء، وتطوير البنيات التحتية، من خلال تعاون القطاع العام والخاص وفعاليات المجتمع المدني.
هذا الانفتاح جعل المبادرة، يضيف المتحدث ذاته، تكسب إلى حد ما نوعا من المصداقية والقبول، خاصة مع الحذر الموجود من كل المبادرات التي تقودها الجهات الرسمية الغربية، خاصة في المآسي التي يعيشها العالمان العربي والإفريقي، من قبيل الصراع العربي الفلسطيني و العراق، والحروب القبلية و لإثنية بإفريقيا.
واستدرك لكرني بأنه "رغم ذلك لا يمكن أن ننفي الإشكالات التي ستواجهها المبادرة، وأهمها عامل الثقة، فكلينتون كرئيس سابق وهيلاري كزوجة ومشروع رئيسة مقبلة للولايات المتحدة الأمريكية، يطرح سؤال الحذر وقدرة المبادرة على إقناع الفاعلين بجديتها وقدرتها ووجود أهداف نبيلة، أم تمهد لبسط وتعزيز المصالح الأمريكية في مناطق تعج برفض الوجود الأمريكي".
المسارات الاقتصادية
ومن جهته، أكد فريد شوقي، أستاذ الاقتصاد وتسيير وتنظيم المقاولات بجامعة القاضي عياض، ومستشار في مصاحبة الاستمارات الاقتصادية، في تصريحات لجريدة هسبريس، أن اختيار المبادرة للمغرب لم يأت من فراغ، بل هو اختيار ذكي بفضل موقعه الجيوسياسي، ومبادراته الاقتصادية في عمق إفريقيا".
وأورد شوقي أنه "في الوقت الذي تتراجع فيه الحركة الاقتصادية في أوروبا وأمريكا، بدأت تتصاعد بإفريقيا، لذلك تحاول المبادرة تسليط الضوء على تجارب ناجحة في مجال التكوين التعليم ونظم الصحة"، مبرزا أن قراءة المبادرة من الناحية الاقتصادية، تحيل على أنها تنطلق من مبادئ أربع، هي الإلهام والتشبيك وبناء المعرفة والتعاون".
ويشرح المحلل الاقتصادي بأن المبادرة تجمع قادة وخبراء لبناء شبكة تتيح فرصة للخبرات الناجحة للتفاعل مع القادة الإقليميين، وبناء المعرفة من طرف هؤلاء في مجال الصناعة، وتقديم المناهج المبتكرة لملاءمتها مع مشاكل المنطقة، وخلق نوع من التعاون لاستخدام أمثل للخبرات وبناء شراكات تتبادل الربح، عوض منطق الربح المتوحش للرأسمالية.
هذا النهج سيعطي لمنطقة إفريقيا والشرق أوسط، يقول شوقي، نفسا جديدا على المستوى الاقتصادي، لما تتمتع به من مؤهلات بشرية ومادية كبيرة، مردفا أن "المنطقة غنية بمواردها الطبيعية، لذا ستعمل المبادرة على إقامة نوع من التوازن لتجاوز عوامل انتكاسة أوروبا، وذلك في إطار تكامل المبادرة الرسمية والمدنية".
أما التأثير الاقتصادي فيمكن النظر إليه من زاوية ثلاثية، هي الأمن والحكامة والاقتصاد، فأي نمو مستدام، لا بد أن يتأسس على هذه القواعد الثلاثة، ما يعني فشل المنطق العسكري في تدبير الصراع بين الدول، أمام صوت التنمية كضامن للاستقرار والسلم، ولذلك تركز المبادرة على الاستثمار في مجال الصحة والتعليم والبنية التحتية، وضمان الأمن والحكامة"، يورد شوقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أخبار اليوم