"زوجني شقيقتك وتزوج شقيقتي ويكون المهر مقابل المهر، لكن إذا انتكس زواج أحدنا، ينتكس زواج الآخر"، هذه هي معادلة زواج الشغار أو البدل المنتشر في اليمن والذي يربط مصير عائلتين بحكم عادات وتقاليد قبلية.
ويبقى هذا الزواج منتشراً خصوصاً في الأرياف، على الرغم من القصص الكثيرة المتداولة عن نهايات مأساوية، إذ إن الزوجتين، موضوع البدل، محكومتان بعيش الظروف نفسها، فما أن تواجه إحداهن مشاكل مع زوجها أو أسرته، ينطبق الأمر عينه على الأخرى، وإن كانت على وئام مع زوجها.
ويجمع علماء دين على أن زواج الشغار ليس من الإسلام في شيء، إلا أن كثيرين في المجتمع اليمني القبلي المحافظ جداً يعتقدون أن ذلك الزواج يحافظ على العلاقات بين العائلات وعلى التماسك الأسري، ويحفظ المال والتركة في العائلة؛ إذ أن البدل غالباً ما يكون في إطار العشيرة أو العائلة الواحدة.
ويزيد من انتشار هذا الزواج حصول المرأة الريفية اليمنية على قليل من التعليم، وجهلها بحقوقها، وعدم قدرتها على مواجهة المجتمع والأهل.
علي وناصر تزوج كل منهما بأخت الآخر، وبعد سنوات طويلة دبّت خلافات في بيت الأول انتهت بالطلاق، فيما تمسّكت أخته بزوجها وأولادها، ما دفع بإخوتها وأولاد عمها إلى اقتحام منزلها لأخذها بالقوة وإجبار زوجها على تطليقها، وتسبب ذلك في مشاجرات وتبادل لإطلاق النار نجم عنه مقتل أحد إخوة ناصر، ليظل الثأر قائماً حتى الآن بين العائلتين، بحسب ما يروي سعيد الوائلي، وهو من أقارب الضحية.
وفي هذا السياق، قالت إخصائية علم الاجتماع، أماني ميسري، إن استمرار انتشار هذا الزواج يعود إلى المغالاة في المهور، مشيرة إلى أن "تزايد الفقر وتعاظم متطلبات الزواج يدفعان ببعض العائلات إلى اللجوء لزواج البدل" الذي يمكن أن يعفي بطريقة أو بأخرى من المهر.
الطلاق يخيم على الزيجات
ويطلق الحاج أحمد عبدالله (70 عاماً) تنهيدة عميقة، وتبدو الكآبة على وجهه، وهو يروي مأساة ابنه الذي كان ضحية هذا النوع من الزواج. وبات الحاج السبعيني يطلق على الزواج اسم "زواج الندامة".
وقال: "اتفقت مع من كان أعز أصدقائي على تزويج ابنتي بابنه والعكس، وبعد عامين من الزواج لم تتفق ابنتي مع زوجها، وكانا على خلاف دائم، ومن الطبيعي أن أي خلاف بينهما يمتد لابني وزوجته. فما أن عادت ابنتي إلى البيت حتى تركت زوجة ابني البيت، والمشكلة أن ابني كان متعلقاً كثيراً بزوجته".
وأظهر المتزوجون بطريقة البدل في حالات كثيرة أن أي مشكلة لدى طرف، وإن كانت صغيرة، ستؤثر سلباً على الطرف الآخر.
ولا تقتصر هذه الظاهرة على الأميين، فمحمد سعيد (35 عاماً) تلقى تعليماً عالياً ويدرك خطورة زواج الشغار، لكنه اضطر، كما يقول، تحت ضغط أهله إلى القبول بالزواج على طريقة البدائل، خوفاً على أخته التي تكبره بالسن من العنوسة.
وقال: "كان الشرط أن أتزوج بنت أحدهم مقابل زواج أخوها بأختي، فأهلي يعتبرون ذلك بمثابة ضرب عصفورين بحجر".
المغالاة في المهور وتُرجع وزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور استمرار هذه الظاهرة إلى المغالاة في المهور والمبالغة في شروط الزواج، "فيكون الحل لمن لا يستطيعون توفير كل هذه المتطلبات هو زواج البدل".
وقللت مشهور من مدى انتشار الظاهرة، إلا أنها أشارت إلى عدم وجود دراسات وأرقام واضحة حول هذه الظاهرة.
ورأت أن نسبة انتشار زواج البدل "تتضاعف كثيراً في ريف اليمن بسبب العادات والتقاليد الموروثة والتمسك بتزويج الأقارب عن طريق الشغار، ما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تهدد البناء الاجتماعي للعائلة بسبب المشاكل والخلافات".
وقالت: "المرأة هي مَنْ تُظلم في هذه الزيجة لأنها تُحرم من حقها في المهر، وإذا انفصلت بديلتها لاقت هي المصير نفسه، وانهارت الأسرة".
وفي هذه القضية، يجمع علماء الدين الإسلامي على اختلاف المذاهب على أن زواج الشغار منهيٌّ عنه شرعاً، إلا أن بعضهم يحللونه في حال تسمية المهر.
ويرى القاضي محمد بن إسماعيل العمراني أنه "حين يرتبط طلاق إحدى الزوجتين بالأخرى، فهذا يعني أن هذا الزواج حرام لا لذات العقد ولا لأنه شغار، بل لما ينشأ عنه من مشاكل بين الأسرتين، ولأنه قد يؤدي إلى طلاق المرأة التي ليس بينها وبين زوجها سوء عِشرة، وقد يتسبب في ضياع الأطفال".
|
تحدثت القناة الفرنسية "FRANCE24" نقلا عن مراسلها في الييمن، في نشرتها، صبيحة اليوم الخميس 27 مارس 2015، عن مصرع عبد الملك الحوتي، زعيم جماعة الحوثيين المتمردة، في قصف جوي شنته، ليلة أمس الأربعاء، على العاصمة اليمنية صنعاء، طائرات التحالف الخليجي الدي تقوده السعودية، والذي تشارك فيه 5 دول من خارج مجلس دول الخليج.
هذا، وكانت السعودية حشدت أسلحة ومعدات عسكرية ضخمة على حدودها مع اليمن، بعد أن بات الحوثيون يحكمون سيطرتهم على اليمن، ويضيقون الخناق على مدينة عدن، إحدى كبريات المدن اليمنية، التي كان الرئيس هادي لجأ إليها، واتخذ منها عاصمة مؤقتة، عقب فراره من قبضة الحوثيين الذي كانوا يخضعونه للإقامة الإجبارية.
وكان الرئيس هادي طلب من دول الخليج تدخلا عسكريا لصد عدوان مليشيات الحثيين المسلحة، الذين كانوا يعولون على دعم إيران، والتي يبدو أنها لزمت الحياد، في إطار صفقة سرية مبرمة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد حظي بمباركة الرئيس الأمريكي أوباما، الهجوم الجوي الذي شنته السعودية وحلفاؤها على صنعاء، والذي استهدف أهدافا ومواقع عسكرية استراتيجية، والقصر الرئاسي الذي سيطر عليه عبد المالك الحوثي، وكذا، سكن الرئيس المخلوع عبد الله صالح، والذي كان غادره قبل الهجوم الجوي.
وقد جاء التدخل الخليجي عسكريا في اليمن، بعد أن فشلت المبادرات والتحركات الخليجية، والمساعي الدبلماسية والسياسية، تحت رعاية الامم المتحدة، في إيجاد حل الأزمة اليمنية، وكذا، في ظل استقواء الحوثيين المدعمين بعبد الله صالح، وبالوحدات العسكرية المنشقة عن النظام الشرعي، وبإيران التي كانوا يعولون على دعمها.
وبالمناسبة، فإن نبأ مصرع عبد المالك الحوتي لم يتأكد رسميا. إذ لم تؤكده كما لم تنفيه جماعة الحوثي، وكبريات وكالات الأنباء.
وتجدر إلى أن التدخل العسكري الخليجي في اليمن، متجه نحو التصعيد، خاصة في ظل الخطر الذي تشكله جماعة الحوثي والمد الشيعي، على أمن واستقرار المنطقة، وعلى النظام الشرعي والدولة اليمنية التي باتت مهددة بالانهيار. ما قد يفتح الباب على مصراعيه في وجه الاقتتال القبلي والتطاحن الطائفي، والحرب الأهلية التي ستكتوي بنيرانها الملتهبة دول الجوار.

