الأحد، 5 أغسطس 2018

مغاربة عشاق للتجوال يتحوّلون إلى ضحايا "رحلات جماعية منظمة"

مغاربة عشاق للتجوال يتحوّلون إلى ضحايا "رحلات جماعية منظمة"
حُب التجوال واكتشاف الطبيعة والانفتاح على الثقافات المحلية وقضاء أوقات ممتعة كلها أمور تدفع الكثير من المغاربة إلى الإقبال على الرحلات الجماعية، التي تنظمها وكالات أسفار، ليخوضوا غمار السياحة الداخلية؛ غير أن التجارب التي يحكي عنها المشاركون تختلفُ من شخص إلى آخر: من شخص سجّل أفضل ذكرياته مع وكالة سفر، وشخص آخر كان ضحية نصب سواء قبل الرحلة بعد دفع السعر المحدد أو أثناء الرحلة بعد أن يصطدم بتغير كبير في البرنامج أو الخدمات المقدمة، في ما يتعلق بالإيواء أو الأكل أو الأنشطة الترفيهية.
بعض وكالات السفر الجماعي لا تفي بالتزاماتها أمام الزبناء، بما فيها البرنامج الذي على أساسه يتقدم الزبناء من أجل المشاركة وعلى أساس الإشهار والدعاية يقتنون الخدمة السياحية المعروضة، فيدفعوا سعرها مسبقا ولا يتعرفون عليها إلا في موعد استهلاكها؛ وهو ما يجعلهم عرضة لحوادث غير متوقعة.
عدم تعويض المتضررين دفع الكثير منهم إلى تقديم شكاوى على مواقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، بهدف تحذير المهتمين بالسفر الجماعي، بالضبط، من نفس الوكالة، وتسجيل نقط سوداء عليها، بدءا بالتواصل ثم الخدمات المُقدمة.
سناء شابة عشرينية دفعها حب السفر واكتشاف المناطق البعيدة إلى التعرف على وكالة سفر، برمجتْ تنظيم رحلة سياحة إلى منطقة جبلية، فقررت ملء استمارة المشاركة، ثم أداء الواجب المادي؛ لكن المفاجأة التي ستصيب سناء بالإحباط هي الخدمات المقدمة والتي وصفتها بـ"السيئة".
وقالت هذه الشابة في تصريح لهسبريس: "كنت جد متحمسة للرحلة، خصوصا أنها أول رحلة جماعية لي، فملأت الاستمارة، ودفعت المبلغ المالي المطلوب، وكانت الأمور مرتبة بشكل لا يدعو إلى القلق؛ لكن سرعان ما انكشفت الحقيقة، حين وصلنا إلى الفندق المحجوز، الذي لا يليق، مقارنة مع الثمن الذي شاركنا به".
وأضافت المتحدثة نادمة على المشاركة: "اكتشفتُ أن الفندق بسيط جدا، وخدماته سيئة، هذا دون إغفال إدراج أنشطة كبعض المسابقات بين المشاركين، وإلغاء نشاط زيارة مغارة ومكان آخر يطل على بحيرات".
ولم تكن سناء المُشتكية الوحيدة، فقد حدث أن اشتكت مجموعة من الفتيات اللواتي لم يتمكن من السفر، بالرغم تسجيلهن وأداء واجب المشاركة، بعد أن تركتهن حافلة النقل الخاصة بالرحلة، دون أن يتكلف القائمون على الوكالة أو منظمو الرحلة من أجل التواصل معهن، والاعتذار، أو تعويضهن؛ وهو ما دفع العديد من الذين يرتادون وكالات السفر، لإمضاء عقد خاص بالمشاركة في الرحلة، والاحتفاظ بنسخة منه، لضمان حقوقهم، كزبناء، في حالة تم الإخلال بالبرنامج أو الالتزام الذي تم الاتفاق عليه، في وقت يغيب فيه قانون ينظم مجال الرحلات السياحية وتسود الفوضى والعشوائية.
ويستفيدُ مجموعة من الشباب المشاركون لتجاوز الاختلالات التي تشوب الرحلات السياحية، ومنهم من يخطط لتنظيم وكالة خاصة به، بوضع سياسة داخلية محكمة، وإستراتيجية تواصلية مع الزبناء، وبرنامج مُحكم التنظيم والتنزيل.
أيوب الطاهري شاب دفعهُ هو الآخر حب السفر والعمل في الجمعيات والمُشاركة في الأندية وترؤس جمعية الطلبة إلى تجربة السفر مع وكالات خاصة؛ وهو ما أكسبه خبرة في المجال، ودفعه إلى تأسيس وكالة للسفر يرأسها ويديرها.
"كبرتُ في جو اجتماعي، وكنت أجد في السفر متعة كبيرة، بالإضافة إلى تنمية الجانب الموسيقي عندي.. كل هذا حفزني على إنشاء وكالة خاصة بتنظيم الرحلات والسفريات"، يقول أيوب، مردفا أن "فكرة السفر تغيرت عند الناس، لأنه في السابق، عندما كنا نفكر في السفر، نسافر مع العائلات؛ ولكن اليوم، تغيرت الحياة اليومية، والظروف الاجتماعية، وصار الشباب يبحثون عن الرحلات الجماعية، لخوض المغامرات واكتشاف مناطق جديدة".
وبخصوص تنظيم مجال الرحلات السياحية والفوضى التي تعمه، يقول المتحدث، في تصريح لهسبريس، إن "المشكلة تتحمل في جزء منها الدولة المسؤولية، لأنه قطاع غير منظم"، مشيرا إلى "وجود بعض الأشخاص، الذين لا يحترفون تنظيم الأنشطة والرحلات، ويكتفون بإنشاء صفحات على موقع "فايسبوك"، ويعلنون للناس بأنهم ينظمون رحلات، وقد يوقعون المشاركين في شباك النصب والاحتيال، أو أنهم لا يوفرون لهم الخدمات المكافئة للمبلغ الذي قاموا بأدائه، أو أنهم يؤدون أثمنة جد باهظة"، يكملُ المتحدث.
وبالرغم من كل هذه الاختلالات، يؤكد أيوب أن الرحلات المنظمة هي "خدمة بديلة، تسهم في الحركية الاقتصادية لمدن بعيدة"، ويشدد على أن "التنظيم المحكم والسياسة والتسويق المنظم من طرف الوكالة هو ما يجعل الزبناء أوفياء للخدمات المقدمة، بل يظلون متتبعين لكل الفرص المتاحة"، وفق تعبير أيوب.

*صحافية متدربة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أخبار اليوم